ثم بين الله تعالى إحاطة علمه الكامل ، فقال عز من قائل:
{ إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون} .
الضمير يعود على ذي الجلال والإكرام ، و{ الجهر من القول} وهو ما كان يجهر به أهل مكة من قول ، هو استهزاء ، أو غيره ، وذكر علمه سبحانه وتعالى به تهديد بالحساب لقولهم ، وهو حساب من لا يخفى عليه شيء من الأقوال والأفعال ، وذكرت الأقوال من جحود وعناد وإيذاء سخرية وتهكم ، ولم يذكر الأفعال من إيذاء للضعفاء وفتنة لهم في دينهم بتعذيبهم ، كما فعلوا مع عمار بن ياسر وأبيه ، وكما فعلوا مع خباب بن الأرت ، ولم يذكر الأفعال ، لأن الأفعال أجهر وأبين من الأقوال ، لا إذا كان يعلم الأقوال ، فأولى أن يعلم الأفعال ، وهو بكل شيء عليم .
{ ويعلم ما تكتمون} من إحن ومنافسة على الشرف الكاذب كما كان من أبي جهل وأشباهه فيما ينفسون على بني عبد مناف ، وفيما ينفس بنو أمية على بني هاشم .
ويعلم انحراف الاعتقاد ، وعبادة الأوثان ، وما يعشش في رءوسهم من خرافات وأوهام ، وما يحلون ويحرمون بغير ما أنزل الله السر وأخفى ، والجهر وما يعلن ، وذكر علمه سبحانه وتعالى بالعصيان إنذار لهم بالحساب ثم العقاب .
وقد يسأل سائل لماذا أمهلهم مع هذا السوء الذي أحاط بهم في جهرهم وكتمانهم ، فقال الله على لسان نبيه .