وذكر سبحانه من استعجالهم قوله:
{ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} .
أي يقولون مستعجلين وعد الله تعالى بالهلاك إن استمروا على كفرهم ، ووعد الله المؤمنين بالغلب والقدرة ، وأن تكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الشرك هي السفلى ، يقولون ذلك إنكارا وتحديا وإعناتا ، لأنهم مأسورون بالحاضر لا يدركون شيئا وراءه ، فهم لا يتصورون أن يكون هؤلاء الضعاف الذين يستذلونهم ويفرضون عليهم الذل ويؤذونهم سيكون لهم الغلب يوما من الأيام ، لا يتصورون أن يجلس عبد الله بن مسعود فوق أبي جهل ويحز رقبته ، وأن يقتل بلال من كان سيدا له في مكة ، وهو من سادات قريش ، لا يتصورون ويستبعدون أيضا عذاب يوم القيامة لهم دون المؤمنين ، ويظنون أنه إن كان بعث أو عذاب ، فلن يكونوا هم وقودها ، بل يقيسون الآخرة على الدنيا ، ويبلغ بهم التحدي بعد استطالتهم أمد العذاب فيقولون:{ إن كنتم صادقين} والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه الكرام ، أو المخاطب الدعاة إلى الله من رسل وأتباعهم ، ويتجهمون ويتحدون الله ، ولكنهم ضالون ، وماذا بعد الحق إلا الضلال .