{ خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون} .
العجل هو العجل والتسرع والسبق إلى مخاطر الأمور من غير تفكير ، ومعنى أنه خلق من عجل ، المبالغة في عجلته كما يقال خلق من كرم مبالغة في الكرم ، وكما قال تعالى:{. . .خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة . . . 54} ( الروم ) وقوله تعالى:{ خلق الإنسان من عجل} نظيره ومؤداه{. . . .وكان الإنسان عجولا 11} ( الإسراء ) وهذا التعبير فيه تأكيد في عجلته ، وكأنه يكون من عجلة ، وهذا كناية عن استعجاله للأمور ، وفيه مجاز بتشبيه في عجلته وكونها طبعا له غير منفصل عن ذاته بأنه خلق منها طبعا له لا تنفصل عنه ، وهم يستعجلون دائما ما أوعد من عذاب ، كما قال:{ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات . . . 6} ( الرعد ) فهم يستعجلون العذاب كأنهم يتحدون الله ، والله أمهلهم لحكمة يعلمها ، وكل شيء عنده بمقدار ، وإذا كانوا يتحدون مستعجلين فالله تعالى ينذرهم ويخبرهم بأنه آتيهم لا ريب فيه ، ويقول سبحانه:{ سأريكم آياتي فلا تستعجلون} الآيات هي آيات القدرة والقهر بالنذر التي تومئ ، بغلبة محمد صلى الله عليه وسلم ومن آمن به ، وبالريح العاصف التي غلب بها محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ، هذه آيات بينات على ما ينزل بالكافرين لكفرهم ونصرة الحق عليهم ، و"السين"هنا لتأكيد الفعل في المستقبل ، وإسناد الفعل إلى الله تعالى فيه تأكيد الوقوع ، ورؤيتهم لهذه الآيات هي رؤية معاينة لا رؤية علم ونظر فقط{ فلا تستعجلون} أي لا تطلبون العجلة من أمر هو واقع فيكم لا محالة ، واستأنوا فإن ما تطلبون نازل .