قوله: ( خلق الإنسان من عجل ) العجل والعجلة مصدران ،بمعنى تقديم الشيء على وقته .وقيل: نزلت في النضر بن الحارث حين استعجل وقوع العذاب وهو يقول ذلك مستهزئا ؛فبين الله لهم أنه آتيهم الهلاك المعجل في الدنيا ،والعذاب في الآخرة .وهو قوله: ( سأوريكم آياتي فلا تستعجلون ) أي سترون نقماتي فلا تستعجلوا الإتيان بها .
وقيل: المراد بالإنسان هنا اسم الجنس ؛فقد ذكر خلقه من عجل ،على سبيل المبالغة ؛لكثرة استعجاله .أو لأنه مطبوع على الاستعجال .
هكذا الإنسان منذ أن خلق الله آدم أبا البشر ثم ذريته من بعده ؛فإنهم مفطورون على العجلة والاستعجال ،فلا يصبرون أو يتمهلون أو يتأنون إلا قليلا .وقد ذكر عن آدم عليه السلام أنه خلق بعد كل شيء من آخر النهار من يوم خلق الخلائق ،فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال: يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس .وروي عن أبي هريرة قال ،قال رسول الله ( ص ):"خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ؛فيه خلق آدم ،وفيه أدخل الجنة ،وفيه أهبط منه ،وفيه تقوم الساعة ،وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي- وقبض أصابعه يقللها- فسأل الله خيرا ؛إلا أعطاه إياه "قال أبو سلمة: فقال عبد الله بن سلام: قد عرفت تلك الساعة هي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة وهي التي خلق الله فيها آدم .
قال ابن كثير: والحكمة في ذكر عجلة الإنسان ههنا: أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول – صلوات الله وسلامه عليه- وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ذلك فقال الله تعالى: ( خلق الإنسان من عجل ) لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته{[3035]} .