ثمّ تشير إلى أمر آخر من الاُمور القبيحة لدى هذا الإنسان المتحلّل ،فتقول: ( خلق الإنسان من عجل ) .وبالرغم من اختلاف المفسّرين في تفسير كلمتي ( إنسان ) و ( عجل ) ،ولكن من المعلوم أنّ المراد من الإنسان هنا نوع الإنسانطبعاً الإنسان المتحلّل والخارج عن هداية القادة الإلهيين وحكومتهموالمراد من «عجل » هي العجلة والتعجيل ،كما تشهد الآيات التالية على هذا المعنى ،وكما نقرأ في مكان آخر من القرآن: ( وكان الإنسان عجولا ){[2512]} .
إنّ تعبير ( خلق الإنسان من عجل ) في الحقيقة نوع من التأكيد ،أي إنّ الإنسان عجول إلى درجة كأنّه خلق من العجلة ،وتشكّلت أنسجته ووجوده منها !وفي الواقع ،فإنّ كثيراً من البشر العاديين هم على هذه الشاكلة ،فهم عجولون في الخير وفي الشرّ ،وحتّى حين يقال لهم: إذا ارتكبتم المعاصي وكفرتم سيأخذكم العذاب الإلهي ،فإنّهم يقولون: فلماذا لا يأتي هذا العذاب أسرع ؟!
وتضيف الآية في النهاية: ( سأريكم آياتي فلا تستعجلون ) .
التعبير ب ( آياتي ) هنا يمكن أن يكون إشارة إلى آيات العذاب وعلاماته والبلاء الذي كان يهدّد به النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مخالفيه ،ولكن هؤلاء الحمقى كانوا يقولون مراراً: فأين تلك الابتلاءات والمصائب التي تخوّفنا بها ؟
ملاحظة:
1بملاحظة الآيات آنفة الذكر يُثار هذا السؤال ،وهو: إذا كان الإنسان عجولا بطبيعته ،فلماذا ينهى اللهسبحانه عن العجلة ويقول: ( فلا تستعجلون ) ؟أليس هذا تناقضاً بين الاثنين ؟
ونقول في الجواب: إنّنا إذا لاحظنا أصل اختيار وحرية إرادة الإنسان ،وكون صفاته ومعنوياته وخصائصه الأخلاقيّة قابلة للتغيير ،فسيتّضح أن لا تضادّ في الأمر ،حيث يمكن تغيير هذه الحالة بالتربية وتزكية النفس .