لفظ من أقوالهم الحجة الدالة على بطلان ألوهية الأصنام ، لقد قالوا:{ لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} أي ليست لهم قدرة على الكلام فلا قدرة على شيء فليس منهم نفع مجلوب ، ولا ضرر مدفوع ، قال خليل الله عليه السلام:{ أفتعبدون من دون الله} أي مخالفين لله تعالى معاندين له سبحانه{ ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} أي شيئا من النفع أو الضر ، و{ شيئا} مفعول مطلق قائم مقام المصدر .
وقوله تعالى:{ أفتعبدون} "الفاء"تدل على أن ما بعدها مترتب على ما قبلها ، لأنه ترتب على قولهم{ ما هؤلاء ينطقون} أنهم يكونوا يعبدون ما لا يمك ضرا ولا نفعا ، والاستفهام إنكاري لإنكار الواقع ، وإنكار الواقع توبيخ ، وهم به جديرون ، فأي عاقل يعبد ما دونه ، وهو حي وهذا جماد لا يضر ولا ينفع .
وقد ترتب على هذا أن تأفف منهم ، فدل هذا التأفف على النفور منهم عقلا ، فهي أحجار ولو كانت تماثيل منحوتة نحتا جميلا ، فهي أحجاز لا تزيد على ذلك ، وعقلا لأنها تعبد ممن هو خير منها خلقا وتكوينا ، وكان التأفف أيضا ممن يعبدونها ، لأنهم حطوا عقولهم عن مستوى التفكير ، بل عن مستوى الإنسانية المدركة التي تقدر الأشياء وتعرف النافع والضار ، ولذا قال عنه عز من قائل:
{ أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} .