وفي هذا الوقت يكون الحكم الذي ترتضي حكومته هو العمل ، وميزان الأعمال ، لذا قال تعالى:{ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 102 ) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ( 103 ) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ( 104 )} .
الفاء للإفصاح أيضا ، وقد صور الله الأعمال بأنها كالمحسوسات توزن فإن كانت جيدة يقبلها الله تعالى فإنها تكون في الميزان وتنخفض كفتها لثقلها ، وإن ذلك تصوير للأعمال الراجحة المقبولة التي كانت مع الحق ، ونفعت الناس ، وكانت صالحة ، وهذا تأويل حسن للميزان ، بأنه تصوير دقيق للعدالة الربانية التي لا تبخس الناس أشياءهم ، ولا تنقص الناس أعمالهم ، والسلفيون الذين لا يؤولون ، ولا يفسرون ويقولون:إنه يكون يوم القيامة ميزان حقيقي توزن به الأعمال .
وقد قال تعالى في جزاء الذين يقبل الله أعمالهم ، ويكافئهم عليها{ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الإشارة إلى ذوي الأعمال الطيبة التي عرفت بالميزان أو كأن ذكر الميزان تصوير للعدالة ودقة الحساب ، أولئك بسبب هذه الأعمال ، والإشارة إليهم موصوفين بعلمهم هم المفلحون أي الفائزون بالجنة ونعيمها ، ورضوان الله تعالى ، وهو أكبر ، وفي الكلام قصر ، أي هم الفائزون وحدهم ، ولو كانوا في الدنيا ضعفاء ، وأرقاء ومساكين ، وغيرهم عتاة مستكبرون ، وقد دل على القصر تعريف الطرفين فإنه يفيد القصر ، على ما هو معروف في علم البيان ، وقد تأكد القصر بضمير الفصل ، و{ هم} .
هذا جزاء من ثقلت موازينه