بعد هذا الإنكار الذي من شأن الذين كذبوا بلقاء الآخرة ينتقلون من مرتبة الإنكار المجرد ، إلى مرتبة التهجم على مقام الرسالة ، فيقولون:
{ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ( 38 )} .
الافتراء:الاختلاق ، لأنه افتعال من فرى بمعنى قطع ، أي أنه قطع واشتد في اختلاف الكذب ، بما قال من قول بعيد عن معقولهم وأهوائهم ، وادعوا أنه افتراء الكذب على الله تعالى ، وهو أعظم الافتراء ،{ إن} نافية ، وبعدها الاستثناء فهو نفي وإيجاب ، ومعنى ذلك أنهم قصروا حال الرسول على افتراء الكذب على الله تعالى ، وكأن عبارتهم فيها نوع تحقير لرسولهم ، إذ يقولون:{ إن هو إلا رجل} من غير أن يذكروا اسمه ، أو رسالته ، ويحصرونه في الافتراء عليه سبحانه ، ثم يردفون ذلك مؤكدين كفرهم{ وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} ، أي ما نحن بمذعنين لقوله ولا مصدقين به ، ولتضمن الإيمان معنى الإذعان والتسليم عدى باللام ، أي ما نحن بمصدقين ، ولا مذعنين له .