فكل هذه نعم توجب الشكر ، وتوجب امتلاء بالقلوب بتقوى من أمدهم بها ، ومكنهم بمعايش في الأرض جعلت لهم قوة ، فلا يصح أن يبطشوا ، بل يشكرونها ، وتمتلئ بخوف معطيها ، لأن من يمنح يمنع ، ولأنه يريد السعادة للناس ، ولذا قال لهم:{ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} .
وقد ذكرهم بنعمه أولا ، وأشار إلى أنهم اتخذوا هذه النعم ذريعة ليكونوا أقوياء باطشين ، لا أن يكونوا شاكرين ، وقد أنذرهم بعد بعذاب الله تعالى التي ينزل بمن يظلمون ويفسدون في الأرض ، فإنه لا يفسد الأرض غير الظلم والطغيان ، قال الرسول الشفيق بقومه:{ إني أخاف} مشفقا عليكم منذرا لكم{ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}وهو يوم القيامة ، يوم لا ينفعهم مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، وقد أكد العذاب بإن ، وبوصف العذاب بأنه عظيم لا يقادر قدره ، وكان تنكيره لبيان كبره وشدته ، وأنه فوق التقدير والوصف .