{ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الجار والمجرور متعلق بتتركون ، أو بآمنين ، والجنات جمع جنة والعيون عيون الماء المثمرة كما أشرنا من قبل ، والجنات الأشجار الباسقة من كروم ، وتفاح ورمان وغيرها ، وزروع ، جمع زرع وهو النبات الذي يكون منه الحب المتراكب ويتغذى منه الإنسان ،ّّ والذي يكون منه السنابل من قمح وأرز وغير ذلك من النعم التي أنعم بها على الإنسان في غذائه ، ويشمل النبات والحشائش التي تكون كلأ الأنعام ، وخص النخل بالذكر ، لأنه كان غذاء العرب ، حتى سمي العرب أمة التمر واللبن ، وكان ذكره بعد النبات لبيان إنعام الله تعالى على الإنسان بالغذاء بكل أنواعه ، فأهل المدر غذاؤهم من النبات ذي الحب المتراكب ، وفرى السنابل ، وأهل الوبر غذاؤهم من النخل في أكثره ، والله هو المنعم للفريقين .
والضمير في قوله تعالى:{ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} يعود على النخل ، لأن النخل أنثى ، أو لأنه جمع ما لا يعقل ، إذ النخل اسم جنس جمعى للنخلة ، ويفرق بين المفرد والجمع بالتاء أو ياء النسب ، وقد فرق بينهما هنا بالتاء .
والطلع ، ما يطلع من جوف النخل كنصل السيف ، والهضيم اللطيف المنظم المتلاصق في وعائه في الجوف قبل أن يظهر ، وهو اليانع النضيج ، وهذه الأوصاف تكون بحسب الحال ، وبحسب المآل إذ يكون منه البلح الرطب ، وأجود التمر .