الافتتاح بلفظ{ القارعة} افتتاح مهول ،وفيه تشويق إلى معرفة ما سيخبر به .
وهو مرفوع إما على الابتداء و{ ما القارعة} خبره ويكون هناك منتهى الآية .
فالمعنى: القارعة شيء عظيم هي .وهذا يجري على أن الآية الأولى تنتهى بقوله:{ ما القارعة} .
وإمّا أن تكون{ القارعة} الأولُ مستقلاً بنفسه ،وعُدّ آية عند أهل الكوفة فيقدر خبرٌ عنه محذوف نحو: القارعة قريبة ،أو يقدر فعل محذوف نحو أتتْ القارعة ،ويكون قوله:{ ما القارعة} استئنافاً للتهويل ،وجُعل آية ثانية عند أهل الكوفة ،وعليه فالسورة مسمطة من ثلاث فواصل في أولها وثلاث في آخرها وفاصلتين وسطها .
وإعادة لفظ{ القارعة} إظهار في مقام الإِضمار عدل عَنْ أن يقال: القارعة ماهِيهْ ،لما في لفظ القارعة من التهويل والترويع ،وإعادة لفظ المبتدأ أغنت عن الضمير الرابط بين المبتدأ وجملة الخبر .
والقارعة: وصف من القرع وهو ضرب جسم بآخر بشدة لها صوت .وأطلق القرع مجازاً على الصوت الذي يتأثر به السامع تأثُّر خوف أو اتعاظ ،يقال: قَرع فُلاناً ،أي زجره وعَنَّفه بصوت غضب .وفي المقامة الأولى: « ويقرع الأسماع بزواجر وعظه » .
وأطلقت{ القارعة} على الحدث العظيم وإن لم يكن من الأصوات كقوله تعالى:{ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة}[ الرعد: 31] وقيل: تقول العرب: قرعت القوم قارعة ،إذا نزل بهم أمر فظيع ولم أقف عليه فيما رأيت من كلام العرب قبل القرآن .
وتأنيث{ القارعة} لتأويلها بالحادثة أو الكائنة .