إنّ انتفاء محبة الله الظالمين يستلزم أنه يحبّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلذلك يعطيهم ثوابهم وافياً .
ومعنى كونهم ظالمين أنهم ظلَموا أنفسهم بكفرهم وظلَمَ النصارى الله بأن نقصوه بإثبات ولد له وظلموا عيسى بأن نسبوه ابناً للَّه تعالى ،وظلمه اليهود بتكذيبهم إياه وأذاهم .
وعذاب الدنيا هو زوال الملك وضرب الذلة والمسكنة والجزية ،والتشريد في الأقطار ،وكونهم يعيشون تبعاً للناس ،وعذاب الآخرة هو جهنم .ومعنى{ وما لهم من ناصرين} أنهم لا يجدون ناصراً يدفع عنهم ذلك وإن حاوله لم يظفَر به وأسند{ فنوفيهم} إلى نون العظمة تنبيهاً على عظمة مفعول هذا الفاعل ؛إذ العظيم يعطى عظيماً .والتقدير{ فيوفيهم أجورهم في الدنيا والآخرة} بدليل مقابله في ضدّهم من قوله:{ فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة} وتوفية الأجور في الدنيا تظهر في أمور كثيرة: منها رضا اللَّهِ عنهم ،وبَركاته معهم ،والحياة الطيبة ،وحسن الذكر .وجملة{ والله لا يحب الظالمين} تذييل ،وفيها اكتفاء: أي ويحبّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات .
وقرأ الجمهور: فنوفيهم بالنون وقرأه حفص عن عاصم ،ورويس عن يعقوب ،فيوفيهم بياء الغائب على الالتفات .