{ إذ قال لأبيهِ} بدل من{ من جاء ربه بقلب سليم} بدلَ اشتمال فإن قوله هذا لما نشأ عن امتلاء قلبه بالتوحيد والغضب لله على المشركين كان كالشيء المشتمل عليه قلبه السليم فصدر عنه .
و{ ماذا تعبدون} استفهام إنكاري على أن يعبدوا ما يعبدونه ولذلك أتبعه باستفهام آخر إنكاري وهو{ أئِفكاً ءَالهَةً دونَ الله تريدون} .وهذا الذي اقتضى الإِتيان باسم الإِشارة بعد « ما » الاستفهامية الذي هو مُشرَب معنى الموصول المشار إليه ،فاقتضى أن ما يعبدونه مشاهد لإِبراهيم فانصرف الاستفهام بذلك إلى معنىً دون الحقيقي وهو معنى الإِنكار ،بخلاف قوله:{ إذْ قالَ لأبيهِ وقومهِ ماذا تعبدون} في سورة[ الشعراء: 70] فإنه استفهام على معبوداتهم ولذلك أجابوا عنه{ قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين}[ الشعراء: 71] وإنما أراد بالاستفهام هنالك التمهيد إلى المحاجّة فصوره في صورة الاستفهام لسماع جوابهم فينتقلَ إلى إبطاله ،كما هو ظاهر من ترتيب حجاجه هنالك ،فذلك حكاية لقول إبراهيم في ابتداء دعوته قومه ،وأما ما هنا فحكاية لبعض أقواله في إعادة الدعوة وتأكيدها .