والمعنى: ففكر في حيلة يخلو له بها بدّ أصنامهم فقال:{ إني سقيمٌ} ليلزم مكانه ويفارقوه فلا يريهم بقاؤه حول بدّهم ثم يتمكن من إبطال معبوداتهم بالفعل .والوجه: أن التعقيب الذي أفادته الفاء من قوله:{ فنظَرَ} تعقيب عرفي ،أي لكل شيء نحسبه فيفيد كلاماً مطوياً يشير إلى قصة إبراهيم التي قال فيها:{ إني سقيم} والتي تفرع عليها قوله تعالى:{ فراغ إلى أهله}[ الذاريات: 26] الخ .
وتقييد النظرة بصيغة المرة في قوله:{ نظرةً} إيماء إلى أن الله ألهمه المكيدة وأرشده إلى الحجة كما قال تعالى:{ ولقد آتينا إبراهيم رشده}[ الأنبياء: 51] .
وقوله:{ إني سقيمٌ} عذر انتحله ليتركوه فيخلو ببيت الأصنام ليخلص إليها عن كثب فلا يجد من يدفعه عن الإيقاع بها .وليس في القرآن ولا في السنة بيان لهذا لأنه غني عن البيان .وذكر المفسرون أنه اعتذر عن خروجه مع قومه من المدينة في يوم عيد يخرجون فيه فزعم أنه مريض لا يستطيع الخروج فافترض إبراهيم خروجهم ليخلو ببدّ الأصنام وهو الملائم لقوله:{ فتولوا عنه مُدبرينَ} .
والسقيم: صفة مشبهة وهو المريض كما تقدم في قوله:{ بقلبٍ سليمٍ}[ الصافات: 84] .يقال: سَقِم بوزن مرِض ،ومصدره السَّقم بالتحريك ،فيقال: سقام وسقم بوزن قُفْل .