وضمير{ هي} ضمير الشأن ويقال له: ضمير القصة لأنه يستعمل بصيغة المؤنث بتأويل القصة ،أي لا قصة في هذا الغرض إلا الموتة المعروفة فهي موتة دائمة لا نشور لنا بعدها .
وهذا كلام من كلماتهم في إنكار البعث فإن لهم كلمات في ذلك ،فتارة ينفون أن تكون بعد الموت حياة كما حكى عنهم في آيات أخرى مثل قوله تعالى:{ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا}[ الأنعام: 29] ،وتارة ينفون أن يطرأ عليهم بعد الموتة المعروفة شيء غيرها يعنون بذلك شيئاً ضد الموتة وهو الحياة بعد الموتة .فلهم في نَفْي الحياة بعد الموت أفانين من أقوال الجحود ،وهذا القصر قصر حقيقي في اعتقادهم لأنهم لا يؤمنون باعتراء أحوال لهم بعد الموت .
وكلمة{ هؤلاء} حيثما ذكر في القرآن غير مسبوق بما يصلح أن يشار إليه: مراد به المشركون من أهل مكة كما استنبطناه ،وقدمنا الكلام عليه عند قوله تعالى:{ فإن يكفر بها هؤلاء} في سورة الأنعام ( 89 ) .
ووصف{ الأولى} مراد به السابقة مثل قوله:{ وأنه أهلك عاداً الأولى}[ النجم: 50] ومنه قوله تعالى:{ ولقد ضلّ قبلهم أكثرُ الأولين}[ الصافات: 71] .ونظيرها قوله تعالى:{ أفما نحن بميتين إلاّ موتَتَنا الأولى وما نحن بمعذبين}[ الصافات: 58 ،59] .
أعقبوا قصر ما ينتابهم بعد الحياة على الموتة التي يموتونها ،بقوله:{ وما نحن بمنشرين} تصريحاً بمفهوم القصر .وجيء به معطوفاً للاهتمام به لأنه غرض مقصود مع إفادته تأكيد القصر