و( مَا ) من قوله:{ إنما توعدون} موصولة ،أي إن الذي توعدونه لصادق .والخطاب في{ تُوعدون} للمشركين كما هو مقتضى التأكيد بالقسم وكما يقتضيه تعقيبه بقوله:{ إنكم لفي قول مختلف}[ الذاريات: 8] .
فيتعين أن يكون{ توعدون} مشتقاً من الوعيد الذي ماضيه ( أوعد ) ،وهو يبنى للمجهول فأصل{ توعدون} تُؤَوْعَدون بهمزة مفتوحة بعد تاء المضارعة وواوٍ بعد الهمزة هي عين فعل ( أوعد ) وبفتح العين لأجل البناء المجهول فحذفت الهمزة على ما هو المطّرد من حذف همزة أفْعَل في المضارع مثل تُكرمون ،وسكنت الواو سكوناً مَيتاً لأجل وقوع الضمة قبلها بعد أن كان سكونها حَيّاً فصار{ تُوعَدون} ووزنه تافعلون .
والذي أوُعِدوه عذاب الآخرة وعذاب الدنيا مثل الجوع في سني القحط السبع الذي هو دَعوة النبيء صلى الله عليه وسلم عليهم بقوله:"اللهمّ اجعلها عليهم سنيناً كسنيننِ يوسف"وهو الذي أشار إليه قوله تعالى:{ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم} الآية في سورة الدخان ( 10 ،11 ) .ومثل عذاب السيف والأسر يوم بدر الذي توعدهم الله به في قوله:{ يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}[ الدخان: 16] .ويجوز أن يكون توعدون من الوعد ،أي الإخبار بشيء يقع في المستقبل مثل قوله:{ إن وعد الله حق}[ لقمان: 33] فوزنه تُفْعَلُون .والمراد بالوعد الوعد بالبعث .
ووصف{ لصادق} مجاز عقلي إذ الصادق هو المُوعد به على نحو{ فهو في عيشة راضية}[ الجاثية: 21] .
والدين: الجزاء .والمراد إثبات البعث الذي أنكروه .