وقوله:{ في مقعد صدق} إما في محل الحال من المتقين وإما في محل الخبر الثاني ل{ إنّ} .
والمقعد: مكان القعود .والقعود هنا بمعنى الإِقامة المطمئنة كما في قوله تعالى:{ اقعدوا مع القاعدين}[ التوبة: 46] .
والصدق: أصله مطابقة الخبر للواقع ثم شاعت له استعمالات نشأت عن مجاز أو استعارة ترجع إلى معنى مصادفة أحد الشّيء على ما يناسب كمال أحوال جنسه ،فيقال: هو رَجُل صدق ،أي تمام رُجلة ،وقال تأبط شراً:
إني لمهد من ثنائي فقاصد *** به لابننِ عَمِّ الصدق شُمس بن مالك
أي ابن العم حقا ،أي موف بحق القرابة .
وقال تعالى:{ ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوّأ صدق}[ يونس: 93] وقال في دعاء إبراهيم عليه السلام{ واجعل لي لسان صدق في الآخرين}[ الشعراء: 84] ويسمى الحبيب الثابت المحبة صَديقاً وصدّيقاً .
فمقعد صدق ،أي مقعد كامل في جنسه مرضي للمستقر فيه فلا يكون فيه استفزاز ولا زوال ،وإضافة{ مقعد} إلى{ صدق} من إضافة الموصوف إلى صفته للمبالغة في تمكن الصفة منه .
والمعنى: هم في مقعد يشتمل على كل ما يحمده القاعد فيه .
والمَليك: فعيل بمعنى المالك مبالغة وهو أبلغ من مَلِك ،ومقتدر: أبلغ من قادر ،وتنكيره وتنكير مُقتدر للتعظيم .
والعندية عندية تشريف وكرامة ،والظرف خبر بعد خبر .