أنشأ الاستدلال بخلق السماوات حضورَ الأرض في الخيال فأعقَبَ نوح به دليلَهُ السابقَ ،استدلالاً بأعجب ما يرونه من أحوال ما على الأرض وهو حال الموت والإِقبار ،ومهَّد لذلك ما يتقدمه من إنشاء الناس .
وأدمج في ذلك تعليمهم بأن الإِنسان مخلوق من عناصر الأرض مثل النبات وإعلامهم بأن بعد الموت حياة أخرى .
وأُطلق على معنى: أنشأكم ،فعلُ{ أنبتكم} للمشابهة بين إنشاء الإِنسان وإنبات النبات من حيث إن كليهما تكوين كما قال تعالى:{ وأنبتها نباتاً حسناً}[ آل عمران: 37] ،أي أنشأها وكما يقولون: زَرعك الله للخير ،ويزيد وجه الشبه هنا قرباً من حيث إن إنشاء الإِنسان مركب من عناصر الأرض ،وقيل التقدير: أنبتَ أصلكم ،أي آدم عليه السلام ،قال تعالى:{ كمثل آدم خلقه من تراب}[ آل عمران: 59] .
و{ نباتاً}: اسم من أنبت ،عومل معاملة المصدر فوقع مفعولاً مطلقاً ل{ أنبتكم} للتوكيد ،ولم يجر على قياس فعله فيقال: إنباتاً ،لأن نباتاً أخف فلما تسَنى الإِتيان به لأنه مستعمل فصيح لم يُعدل عنه إلى الثقيل كمالاً في الفصاحة ،بخلاف قوله بعده{ إخراجاً} فإنه لم يعدل عنه إلى: خروجاً ،لعدم ملاءمته لألفاظ الفواصل قبلَه المبنية على ألف مثل ألف التأسيس فكما تعدّ مخالفتها في القافية عيباً كذلك تُعدّ المحافظة عليها في الأسجاع والفواصل كمالاً .