وأعيد ضمير{ هم} في قوله:{ وهم على ما يفعلون} ليتعيّن أن يكون عائداً إلى بعض أصحاب الأخدود .
وضمير{ يفعلون} يجوز أن يعود إلى{ أصحاب الأخدود} ،فمعنى كونهم شهوداً على ما يفعلونه: أن بعضهم يشهد لبعض عند الملك بأن أحداً لم يفرط فيما وكّل به من تحريق المؤمنين ،فضمائر الجمع وصيغته موزعة .
ويجوز أن يعود الضمير إلى ما تقتضيه دلالة الاقتضاء من تقسيم أصحاب الأخدود إلى أمراء ومأمورين شأن الأعمال العظيمة ،فلمّا أخبر عن أصحاب الأخدود بأنهم قعود على النار عُلم أنهم الموكلون بمراقبة العمال .فعُلم أن لهم أتباعاً من سَعَّارين ووزَعَة فهم معاد ضمير يفعلون .
وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون شهود جمع شاهد بمعنى مخبر بحق ،وأن يكون بمعنى حاضر ومراقب لظهور أن أحداً لا يشهد على فعل نفسه .
وجملة{ وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود} في موضع الحال من ضمير{ إذ هم عليها قعود} كأنه قيل: قعود شاهدين على فِعلهم بالمؤمنين على الوجهين المتقدّمين في معاد ضمير{ يفعلون} ،وفائدة هذه الحال تفظيع ذلك القعود وتعظيمُ جُرمه إذ كانوا يشاهدون تعذيب المؤمنين لا يرأفون في ذلك ولا يشمئزون ،وبذلك فارقَ مضمون هذه الجملة مضمون جملة:{ إذ هم عليها قعود} باعتبار تعلق قوله:{ بالمؤمنين شهود} .
وفي الإِتيان بالموصول في قوله:{ ما يفعلون بالمؤمنين} من الإِبْهام ما يفيد أن لِمُوقِدِي النارِ من الوزَعَة والعملة ومن يباشرون إلقاء المؤمنين فيها غلظةً وقسوة في تعذيب المؤمنين وإهانتهم والتمثيل بهم ،وذلك زائد على الإِحراق .