وقوله:{ كلا لو تعلمون علم اليقين} .
جوابه محذوف ، دل عليه ما تقدم ، أي لما ألهاكم التكاثر ، وإنما وجد هذا التكاثر وإلهاؤه عما هو أولى بكم لما فقد منكم علم اليقين ، وهو العلم الذي يصل به صاحبه إلى حد الضروريات ، التي لا يشك ولا يمارى في صحتها وثبوتها . ولو وصلت حقيقة هذا العلم إلى القلب وباشرته لما ألهاه عن موجبه ، ولترتب أثره عليه . فإن مجرد العلم بقبح الشيء وسوء عواقبه قد لا يكفي في تركه . فإذا صار له علم اليقين كان اقتضاء هذا العلم لتركه أشد . فإذا صار عين يقين ، كجملة المشاهدات ، كان تخلف موجبه عنه أندر شيء .
وفى هذا المعنى قال حسان بن ثابت رضي الله عنه في أهل بدر:
سرنا ، وساروا إلى بدر ، لحتفهم *** لو يعلمون يقين العلم ما ساروا