قسم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام ، اشتمل عليها الوجود ، وأخبر أن ما قدره بينهما من الولد فقد وهبهما إياه وكفى بالعبد تعرضا لمقته:أن يتسخط ما وهبه .
وبدأ سبحانه بذكر الإناث فقيل:خيرا لهن لأجل استقبال الوالدين لمكانهن .
وقيل - وهو أحسن - إنما قدمهن لأن سياق الكلام أنه فاعل لما يشاء ، لا ما يشاء الأبوان . فان الأبوين لا يريدان إلا الذكور غالبا ، وهو سبحانه قد أخبر أنه يخلق ما يشاء ، فبدأ بذكر الصنف الذي يشاؤه ولا يريده الأبوان .
وعندي وجه آخر:وهو أنه سبحانه قدم ما كانت تؤخره الجاهلية من أمر البنات ، حتى كأن الغرض بيان أن هذا النوع المؤخر الحقير عندكم مقدم عندي في الذكر .
وتأمل كيف نكّر سبحانه الإناث ، وعرف الذكور ، فجبر نقص الأنوثة بالتقديم ، وجبر نقص التأخير للذكور بالتعريف . فإن التعريف تنزيه . كأنه قال:ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم .
ثم لما ذكر الصنفين معا قدم الذكور إعطاء لكل من الجنسين حقه من التقديم والتأخير . والله أعلم بما أراد من ذلك .
والمقصود ، أن التسخط بالإناث من أخلاق الجاهلية الذين ذمهم الله تعالى في قوله:{ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} [ النحل:58 . 59] ، وقال تعالى:{ وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم} .
ومن هاهنا عبر بعض المعبرين لرجل قال له:رأيت كأن وجهي أسود . فقال له:ألك امرأة حامل ؟ قال:نعم . قال:تلد لك أنثى ؟ .