قوله تعالى:{يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور} [ الشورى: 49] .
فإن قلتَ: لم قدّم الإناث مع أنّ جهتهنّ التأخير ،ولم عرّف الذكور دونهنّ ؟
قلتُ: لأن الآية سيقت لبيان عظمة ملكه ومشيئته ،وأنه فاعل ما يشاء ،لا ما يشاؤه عبيده ،كما قال تعالى:{ما كان لهم الخيرة} [ القصص: 68] .ولما كان الإناث مما لا يختاره العباد ،قدّمهن في الذّكر ،لبيان نفوذ وإرادته ومشيئته ،وانفراده بالأمر ،ونكرهنّ وعرّف الذكور ،لانحطاط رتبتهنّ ،لئلا يُظنّ أن التقديم كان لأحقيتهنّ به ،ثم أعطى كل جنس حقّه من التقديم والتأخير ،ليُعلم أن تقديمهن لم يكن لتقدمهنّ ،بل لمقتضى ،فقال:{أو يزوّجهم ذكرانا وإناثا} [ الشورى: 50] كما قال:{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} [ الحجرات: 13] .