الثاني:قوله تعالى:{ إذ دخلوا عليه} فلم يذكر استئذانهم . ففي هذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان قد عرف بإكرام الضيفان واعتياد قراهم . فصار منزله مضيفة مطروقا لمن ورده ، لا يحتاج إلى الاستئذان ، بل استئذان الداخل إليه دخوله . وهذا غاية ما يكون من الكرم .
الثالث:قوله:{ سلام} بالرفع . وهم سلموا عليه بالنصب . والسلام بالرفع أكمل . فإنه يدل على الجملة الإسمية الدالة على الثبوت والتجدد ، والمنصوب يدل على الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد . فإبراهيم صلى الله عليه وسلم حياهم بتحية أحسن من تحيتهم . فإن قولهم:{ سلاما} يدل على:سلمنا سلاما ، وقوله:{ سلام} أي سلام عليكم .
الرابع:أنه حذف المبتدأ من قوله:{ قوم منكرون} فإنه لما أنكرهم ولم يعرفهم احتشم من مواجهتهم بلفظ ينفر الضيف لو قال:أنتم قوم مكرمون ، فحذف المبتدأ هنا من ألطف الكلام .
الخامس:أنه بنى الفعل للمفعول ، وحذف فاعله ، فقال:{ منكرون} ولم يقل:أني أنكركم . وهو أحسن في هذا المقام ، وأبعد من التنفير والمواجهة بالخشونة .