كأن الشيخ فهم من الآية:أن الذي دنى فتدلى ، فكان من محمد صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أو أدنى ، هو الله عز وجل . وهذا - وإن قد قاله جماعة من المفسرين – فالصحيح:أن ذلك هو جبريل عليه الصلاة والسلام . فهو الموصوف بما ذكر من أول السورة إلى قوله:{ ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى} [ النجم:13 . 14] هكذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح .
قالت عائشة رضي الله عنها:«سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ؟ فقال:«ذاك جبريل ، لم أره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين » .
ولفظ القرآن لا يدل على ذاك غير ذلك من وجوه:
أحدها:أنه قال{ علمه شديد القوى} وهذا جبريل الذي وصفه الله بالقوة في سورة التكوير فقال:{ إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين} [ التكوير:19 . 20] .
الثاني:أنه قال{ ذو مرة} أي حسن الخلق ، وهو الكريم المذكور في التكوير .
الثالث:أنه قال{ فاستوى * وهو بالأفق الأعلى} وهو ناحية السماء العليا . وهذا استواء جبريل بالأفق . وأما استواء الرب جل جلاله فعلى عرشه .
الرابع:أنه قال:{ ثم دنى فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى} فهذا دنو جبريل وتدليه إلى الأرض ، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما الدنو والتدلي في حديث المعراج فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان فوق السموات . فهناك دنى الجبار جل جلاله منه وتدلى . فالدنو والتدلي في الحديث غير الدنو والتدلي في الآية . وإن اتفقا في اللفظ .