هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل:الربوبية ، والملك ، والإلهية ؛ فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه ، فجميع الأشياء مخلوقة له ، مملوكة عبيد له ، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات ، من شر الوسواس الخناس ، وهو الشيطان الموكل بالإنسان ، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ، ولا يألوه جهدا في الخبال . والمعصوم من عصم الله ، وقد ثبت في الصحيح أنه:"ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينة ". قالوا:وأنت يا رسول الله ؟ قال:"نعم ، إلا أن الله أعانني عليه ، فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير "وثبت في الصحيح ، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف ، وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها ، فلقيه رجلان من الأنصار ، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال رسول الله:"على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي ". فقالا سبحان الله يا رسول الله . فقال:"إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ، أو قال:شرا ".
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي:حدثنا محمد بن بحر ، حدثنا عدي بن أبي عمارة ، حدثنا زياد النميري ، عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر خنس ، وإن نسي التقم قلبه ، فذلك الوسواس الخناس "غريب .
وقال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عاصم ، سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره ، فقلت:تعس الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقل:تعس الشيطان ; فإنك إذا قلت:تعس الشيطان ، تعاظم ، وقال:بقوتي صرعته ، وإذا قلت:بسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب ".
تفرد به أحمد إسناده جيد قوي ، وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب ، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب .
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا الضحاك بن عثمان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أحدكم إذا كان في المسجد ، جاءه الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته ، فإذا سكن له زنقه - أو:ألجمه ". قال أبو هريرة:وأنتم ترون ذلك ، أما المزنوق فتراه مائلا - كذا - لا يذكر الله ، وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل . تفرد به أحمد .