القول في تأويل قوله:(فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) يقول عزّ ذكره:
فما اسطاع يأجوج ومأجوج أن يعلوا الردم الذي جعله ذو القرنين حاجزا بينهم، وبين من دونهم من الناس، فيصيروا فوقه وينـزلوا منه إلى الناس.
يقال منه:ظهر فلان فوق البيت:إذا علاه ، ومنه قول الناس:ظهر فلان على فلان:إذا قهره وعلاه وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) يقول:ولم يستطيعوا أن ينقبوه من أسفله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) من قوله ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) أي من أسفله.
حدثنا الحسن، قال:أخبرنا عبد الرزاق، قال:أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) قال:ما استطاعوا أن ينـزعوه.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين ، قال:ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) قال:أن يرتقوه ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثنى حجاج، عن ابن جريج، ( فما استطاعوا أن يظهروه ) قال:أن يرتقُوه ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج ، عن ابن جريج ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) قال:يعلوه ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) أي ينقبوه من أسفله.
واختلف أهل العربية في وجه حذف التاء من قوله:(فَمَا اسْطَاعُوا ) فقال بعض نحويي البصرة:فعل ذلك لأن لغة العرب أن تقول:اسطاع يسطيع، يريدون بها:استطاع يستطيع، ولكن حذفوا التاء إذا جُمعت مع الطاء ومخرجهما واحد. قال:وقال بعضهم:استاع، فحذف الطاء لذلك. وقال بعضهم:أسطاع يسطيع، فجعلها من القطع كأنها أطاع يطيع، فجعل السين عوضًا من إسكان الواو . (9) وقال بعض نحوييّ الكوفة:هذا حرف استعمل فكثر حتى حذف.
------------------------
الهوامش:
(7) البيتان من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن 1:414 ) قال:"بين الصدفين ":فبعضهم يضمها ، وبعضهم يفتحها ( الصاد المشددة ) يحرك الدال . ومجازهما:ما بين الناحيتين من الجبلين . وقال:"قد أخذت . . . البيتين ". ولم ينسبهما وفي ( اللسان:صدف ):والصدفان ( التحدريك ) والصدفان بضمهما:جبلان متلاقيان بيننا وبين يأجوج ومأجوج . وفي التنزيل العزيز:( حتى إذا ساوى بين الصدفين ):قرئ الصدفين ( بالتحريك ) والصدفين وبضمهما ، والصدفين ( بضم الأول وفتح الثاني ) .وفي هامش اللسان "وبقيت رابعة:الصدّفين كعضوين كما في القاموس ". ( ثم قال في اللسان وفي الحديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بصدف أو هدف مائل أسرع المشي ". ابن الأثير:هو بفتحتين وضمتين . قال أبو عبيدة:الصدف والهدف:واحد ، وهو كل بناء مرتفع عظيم . قال الأزهري:وهو مثل صدف الجبل ، شبه به ، وهو ما قابلك من جانبه . أه .
(8) البيت من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن 1:415 ) عند تفسير قوله تعالى:( أفرغ عليه قطرا ) قال:أي أصب عليه حديدًا ذائبا ، قال:"حساما . . . البيت "جمع قطر ، وجعله بعضهم الرصاص النقرة أه . وفي ( اللسان:قطر ) والقطر بالكسر:النحاس الذائب، وقيل ضرب منه أه . وفي ( اللسان:جرز ):وسيف جراز:قاطع:ويقال:سيف جراز:إذا كان مستأصلا . والجراز من السيوف:الماضي النافذ أه .
(9) أي عوضا من ذهاب حركة الواو ، كما في اللسان .