وقوله ( إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ ) اختلف أهل العربية في موضع "مَنْ"في قوله:( إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ ) فقال بعض نحويي البصرة:إلا من رحم الله, فجعله بدلا من الاسم المضمر في ينصرون, وإن شئت جعلته مبتدأ وأضمرت خبره, يريد به:إلا من رحم الله فيغني عنه. وقال بعض نحويي الكوفة قوله ( إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ ) قال:المؤمنون يشفع بعضهم في بعض, فإن شئت فاجعل "مَنْ"في موضع رفع, كأنك قلت:لا يقوم أحد إلا فلان, وإن شئت جعلته نصبا على الاستثناء والانقطاع عن أوّل الكلام, يريد:اللهمّ إلا من رحم الله.
وقال آخرون منهم:معناه لا يغني مولى عن مولى شيئا, إلا من أذن الله له أن يشفع; قال:لا يكون بدلا مما في ينصرون, لأن إلا محقق, والأوّل منفيّ, والبدل لا يكون إلا بمعنى الأوّل. قال:وكذلك لا يجوز أن يكون مستأنفا, لأنه لا يستأنف بالاستثناء.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون في موضع رفع بمعنى:يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا إلا من رحم الله منهم, فإنه يغني عنه بأن يشفع له عند ربه.
وقوله ( إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) يقول جلّ ثناؤه واصفا نفسه:إن الله هو العزيز في انتقامه من أعدائه, الرحيم بأوليائه, وأهل طاعته.