وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:( وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ) قال:صارت غبارا. وقيل:( فَدُكَّتَا ) وقد ذكر قبل الجبال والأرض، وهي جماع، ولم يقل:فدككن، لأنه جعل الجبال كالشيء الواحد، كما قال الشاعر:
هُمَــا سَــيِّدَانِ يَزْعُمــانِ وإنَّمَـا
يَسُــودانِنا إنْ يَسَّــرَتْ غَنماهُمَــا (1)
وكما قيل:أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا.
------------------------
الهوامش:
(1) نسب البيت صاحب اللسان (يسر) والعيني في شرح شواهد الألفية إلى أبي أسيدة الدبيري . وأنشد في اللسان قبله بيتا آخر، وهو:
إنَّ لَنَـــا شَـــيْخَيْنِ لا يَنفَعَانِنَــا
غَنِيَّيْــنِ لا يجْــدِى عَلَيْنَـا غِنَاهُمَـا
أي:ليس فيهما من السيادة إلا كونهما قد يسرت غنماهما، أي:كثرت وكثرت ألبانها ونسلها، والسؤدد يوجب البذل والعطاء والحراسة والحماية وحسن التدبير والحلم، وليس عندهما من ذلك شيء . واستشهد المؤلف بالبيت على أن الشاعر قال:غنماها بلفظ التثنية للغنم، مع أن الغنم اسم للجمع، وليس بمفرد، ولكنه عامله معاملة المفرد، كما اعتبرت الجبال في قوله تعالى:( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) في حكم المفرد كالأرض، ولذلك قال:فدكتا، ولم يقل فدككن. ا هـ . وفي البيت شاهد آخر عند النحويين في باب إلغاء عمل ظن وأفعال القلوب إذا تأخرت عن معموليها، ولو تقدمت عليهما لعملت فيهما النصب