وقوله- تعالى-:وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ أى:وإن الإنسان على كنوده وجحوده لنعم ربه «لشهيد» أى:لشاهد على نفسه بذلك، لظهور أثر هذه الصفة عليه ظهروا واضحا، إذ هو عند لجاجه في الطغيان يجحد الجلى من النعم، ويعبد من دون خالقه أصناما، مع أنه إذا سئل عن خالقه اعترف وأقر بأن خالقه هو الله- تعالى-، كما قال- سبحانه-:وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ.
قال الإمام الشيخ محمد عبده:قوله:وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ أى:وإن الإنسان لشهيد على كنوده، وكفره لنعمة ربه، لأنه يفخر بالقسوة على من دونه، وبقوة الحيلة على من فوقه، وبكثرة ما في يده من المال مع الحذق في تحصيله، وقلما يفتخر بالمرحمة، وبكثرة البذل- اللهم إلا أن يريد غشا للسامع- وفي ذلك كله شهادة على نفسه بالكنود، لأن ما يفتخر به ليس من حق شكر النعمة، بل من آيات كفرها.
ومنهم من يرى أن الضمير في قوله- تعالى- هنا وَإِنَّهُ يعود على الخالق- سبحانه- أى:وإن الله- تعالى- لعليم ولشهيد على ما يسلكه هذا الإنسان من جحود، فيكون المقصود من الآية الكريمة، التهديد والوعيد.
قالوا:والأول أولى، لأنه هو الذي يتسق مع سياق الآيات، ومع اتحاد الضمائر فيها.