أى:قال موسى للخضر- عليهما السلام- بعد أن التقيا «هل أتبعك» أى:هل تأذن لي في مصاحبتك واتباعك. بشرط أن تعلمني من العلم الذي علمك الله إياه:شيئا أسترشد به في حياتي، وأصيب به الخير في ديني.
فأنت ترى أن موسى- عليه السلام- قد راعى في مخاطبته للخضر أسمى ألوان الأدب اللائق بالأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- حيث خاطبه بصيغة الاستفهام الدالة على التلطف، وحيث أنزل نفسه منه منزلة المتعلم من المعلم، وحيث استأذنه في أن يكون تابعا له، ليتعلم منه الرشد والخير.
قال بعض العلماء:في هذه الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم، وإن تفاوتت المراتب،ولا يظن أن في تعلم موسى من الخضر ما يدل على أن الخضر كان أفضل من موسى، فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل، وقد يأخذ الفاضل عن المفضول، إذا اختص الله- تعالى- أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر، فقد كان علم موسى يتعلق بالأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها، وكان علم الخضر يتعلق ببعض الغيب ومعرفة البواطن..