ولكن موسى- عليه السلام- رد معتذرا لما فرط منه وقال:لا تُؤاخِذْنِي أيها العبد الصالح، بما نسيت، أى:بسبب نسياني لوصيتك في ترك السؤال والاعتراض حتى يكون لي منك البيان. وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً أى:ولا تكلفني من أمرى مشقة في صحبتي إياك.
يقال:أرهق فلان فلانا. إذا أتعبه وأثقل عليه وحمله مالا يطيقه.
والمراد:التمس لي عذرا بسبب النسيان، ولا تضيق على الأمر، فإن في هذا التضييق ما يحول بيني وبين الانتفاع بعلمك.
وكأن موسى- عليه السلام- الذي اعتزم الصبر وقدم المشيئة، ورضى بشروط الخضر في المصاحبة.. كأنه قد نسى كل ذلك أمام المشاهدة العملية، وأمام التصرف الغريب الذي صدر من الخضر دون أن يعرف له سببا.
وهكذا الطبيعة البشرية تلتقي في أنها تجد للتجربة العملية وقعا وطعما، يختلف عن الوقع والطعم الذي تجده عند التصور النظري.
فموسى- عليه السلام- وعد الخضر بأنه سيصبر ... إلا أنه بعد أن شاهد مالا يرضيه اندفع مستنكرا.
أما الحادث الثاني الذي لم يستطع موسى أن يقف أمامه صامتا، فقد حكاه القرآن في قوله: