ثم بين- سبحانه- عاقبة المتقين، وعاقبة المجرمين يوم القيامة فقال:يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ويَوْمَ ظرف منصوب بقوله:لا يَمْلِكُونَ ... أى:لا يملكون الشفاعة يوم نحشر المتقين.. ويجوز أن يكون منصوبا بفعل محذوف تقديره:اذكر أو احذر..
وقوله:وَفْداً جمع وافد. يقال:وفد فلان على فلان يفد وفدا ووفودا، إذا أقدم عليه، وفعله من باب وعد.
ويطلق الوفد على الجمع من الرجال الذين يفدون على غيرهم لأمر من الأمور الهامة، وهم راكبون على دوابهم. وهذا الإطلاق هو المراد باللفظ هنا.
والمعنى:واذكر- أيها العاقل- يوم القيامة، يوم نحشر المتقين إلى جنة الرحمن، ودار كرامته راكبين على مراكب تنشرح لها النفوس وتسر لها القلوب.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه:يخبر الله- تعالى- عن أوليائه المتقين، الذين خافوه في الدار الدنيا، واتبعوا رسله وصدقوهم، أنه يحشرهم يوم القيامة وفدا إليه. والوفد هم القادمون ركبانا ومنه الوفود، وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة. وهم قادمون على خير موفود إليه، إلى دار كرامته ورضوانه.
وقال ابن أبى حاتم:حدثنا أبو سعيد الأشج.. عن ابن مرزوق قال:يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها، وأطيبها ريحا، فيقول:من أنت؟ فيقول:أما تعرفني؟ فيقول:لا، إلا أن الله- تعالى- طيب ريحك وحسن وجهك. فيقول:أنا عملك الصالح.. فهلم فاركبنى فذلك قوله:يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً .