ومادام الأمر كذلك. فذرهم في طغيانهم يعمهون، ولا تتعجل وقوع العذاب بهم. فإن الله- تعالى- قد حدد- بمقتضى حكمته- وقتا معينا لنزول العذاب بهم.
وقوله:إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا تعليل لموجب النهى ببيان أن وقت هلاكهم قد اقترب، إذ كل معدود له نهاية ينتهى عندها.
قال القرطبي ما ملخصه:قوله:إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا يعنى الأيام والليالى والشهور والسنين إلى انتهاء أجل العذاب.. وقال الضحاك:نعد أنفاسهم وقال قطرب:نعد أعمالهم عدا.
روى أن المأمون قرأ هذه السورة فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء فأشار برأسه إلى ابن السماك أن يعظه، فقال:إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد، فما أسرع ما تنفد، وقيل في هذا المعنى:
حياتك أنفاس تعد فكلما ... مضى نفس منك انتقصت به جزءا
يميتك ما يحييك في كل ليلة ... ويحدوك حاد ما يريد به الهزءا
وكان ابن عباس- رضى الله عنهما- إذا قرأ هذه الآية بكى وقل:آخر العدد:خروج نفسك. آخر العدد:فراق أهلك آخر العدد:دخول قبرك.