ثم فصل- سبحانه- هذه المنن التي امتن بها على عبده موسى، فذكر ثمانية منها:أما أول هذا المنن فتتمثل في قوله- تعالى-:إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى.
وإِذْ ظرف لقوله مَنَنَّا والإيحاء:الإعلام في خفاء.. وإيحاء الله- تعالى- إلى أم موسى كان عن طريق الإلهام أو المنام أو غيرهما.
قال صاحب الكشاف:«الوحى إلى أم موسى:إما أن يكون على لسان نبي في وقتها، كقوله- تعالى-:وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أو يبعث إليها ملكا لا على وجه النبوة كما بعث إلى مريم. أو يريها ذلك في المنام فتتنبه عليه أو يلهمها كقوله- تعالى-:
وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ.
أى:أوحينا إليها أمرا لا سبيل إلى التوصل إليه، ولا إلى العلم به، إلا بالوحي .
والمعنى:ولقد مننا عليك يا موسى مرة أخرى، وقت أن أوحينا إلى أمك بما أوحينا من أمر عظيم الشأن، يتعلق بنجاتك من بطش فرعون.
فالتعبير بالموصول في قوله:ما يُوحى للتعظيم والتهويل، كما في قوله- تعالى- فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى.