أولاها:عند ولادتك فإن أمك الرءوم{[1484]} خشيت عليك من فرعون الطاغية الذي كان يذبح أبناء بني إسرائيل ، ويستحي نساءهم ليكونوا خدما في البيوت أو إماء ، وقد قال تعالى في إنجائه:{ إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى 38 أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذ عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني 39} منن كثيرة في منة واحدة ، وهي إنقاذه من سكين فرعون الظالم القاسي الذي حاول الظالمون القساة أن يقلدوه في ظلمه لمخالفيه ، وطغيانه عليهم من غير رحمة أو رأفة إنسانية ، وقد رأينا ذلك وعايناه في طاغية كان دون فرعون شأنا ولكنه كان أشد منه غلظة فما رأيناه من فرعون في معاملته لبني إسرائيل بحسبان أنهم ليسوا من بني جلدته ، وغلطة هذا أشد في أنه كان يفعله مع بني جلدته ، وهو ظلم وفحش فيه في الحالين ، وإن كانت إحداهما أشد وأغلظ .{ إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى 38} "إذ"ظرف للزمن الماضي ، وهي متعلقة ب{ مننا عليك مرة أخرى} ، و{ أوحينا} أي بالإلهام أو بالمنام بالرؤيا الصادقة ، وهي جزء من ستة وأربعين جزءا من الوحي وقوله:{ ما يوحى} أي الأمر الذي من شأنه ألا يعلم إلا بالوحي ، لأنه من الغيب الذي لا يعلم إلا من قبل الله تعالى . كما قال تعالى:
{ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا 26 إلا من ارتضى من رسول . . .27} ( الجن ) وقد تعلقت بهذا الوحي مصلحة دينية ، وعدل أرضي ، أما المصلحة الدينية فهي نجاة من كتب الله تعالى في غيبه المكنون أن يكون نبيا وكليما ومن المصطفين الأخبار ، وأما إقامة العدل الأرضي فهو كف فرعون عن بني إسرائيل الذي كان يقتل أبناءهم ويستحي نساءهم ، وإن الله يرسل في الأرض من ينجي عباده من ظلم الظالمين وفساد المفسدين .