ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر أقرب الناس إليه ، ليكونوا قدوة لغيرهم . وليعلموا أن قرابتهم للرسول صلى الله عليه وسلم لن تنجيهم من عذاب الله ، ما استمروا على شركهم ، فقال - تعالى -:( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين ) .
والعشيرة:أهل الرجل الذين يتكثر بهم ، و ( الأقربين ) هم أصحاب القرابة القريبة كالآباء والأبناء والإخوة والأخوات ، والأعمام والعمات وما يشبه ذلك .
وقد ذكر المفسرون أحاديث متعددة ، فيما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ، منها:ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس قال:لما أنزل الله - تعالى - هذه الآية:"أتى النبى صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى:يا صباحاه ، وهى كلمة يقوله المستغيث أو المنذر لقومه - فاجتمع الناس إليهن بين رجل يجئ إليه ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يا بنى عبد المطلب ، يا بنى فهر ، يا بنى لؤى ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح الجبل تريد أن تغير عليكم ، أكنتم مصدقى؟ قالوا:نعم . قال:"فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد ".
فقال أبو لهب:تبا لك سائر اليوم ، أما دعوتنا إلا لهذا ، وأنزل الله:( تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) ".
قال الآلوسى:ووجه تخصيص عشيرته الأقربين بالذكر مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم:دفع توهم المحاباة ، وأن الاهتمام بشأنهم أهم ، وأن البداءة تكون بمن يلى ثم من بعده . .
أى:أن هذه الآية الكريمة ، لا تتعارض مع عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للناس جميعا ، لأن المقصود بها:البدء بإنذار عشيرته الأقربين ، ليكونوا أسوة لغيرهم .