ثم أكد- سبحانه- قطع أعذارهم وحججهم بقوله:وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ.
وقوله. وَصَّلْنا من الوصل الذي هو ضد القطع، والتضعيف فيه للتكثير.
أى:ولقد أنزلنا هذا القرآن عليك- أيها الرسول الكريم- متتابعا، وأنت أوصلته إليهم كذلك، ليتصل تذكيرك لهم، عن طريق ما اشتمل عليه من عقائد وآداب وأحكام وقصص.
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أى:ليكون ذلك أقرب إلى تذكرهم وتعقلهم وتدبرهم، لأن استماعهم في كل يوم. أو بين الحين والحين إلى جديد منه، أدعى إلى تذكرهم واعتبارهم.
فالمقصود بالآية الكريمة. قطع كل حجة لهم، وبيان أن القرآن الكريم قد أنزله- سبحانه- متتابعا ولم ينزله جملة واحدة، لحكم من أعظمها اتصال التذكير بهداياته بين حين وآخر، على حسب ما يجد في المجتمع من أحداث.
وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد أقامت ألوانا من الحجج والبراهين، على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يبلغه عن ربه، وعلى أن هذا القرآن من عند الله، كما حكت جانبا من شبهات المشركين، وردت عليها بما يبطلها.
ثم تمدح السورة الكريمة بعد ذلك، طائفة من أهل الكتاب، استقامت قلوبهم، وخلصت نفوسهم من العناد، فاستقبلوا آيات الله- تعالى- ومن جاء بها استقبالا يدل على صدق إيمانهم، فقال- تعالى-: