والمعنى:يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ بأن تطيعوه ولا تعصوه، وبأن تشكروه ولا تكفروه، واخشوا يوما، أى:وخافوا أهوال يوم عظيم.
لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ أى:لا يستطيع والد أن ينفع ولده بشيء من النفع في هذا اليوم. أو أن يقضى عنه شيئا من الأشياء.
وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً أى:ولا يستطيع المولود- أيضا- أن يدفع عن والده شيئا مما يحتاجه منه.
وخص- سبحانه- الوالد والمولود بالذكر، لأن رابطة المحبة والمودة بينهما هي أقوى الروابط وأوثقها، فإذا انتفى النفع بينهما في هذا اليوم، كان انتفاؤه بالنسبة لغيرهما من باب أولى.
وقوله:إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ أى:إن ما وعد الله- تعالى- به عباده من البعث والحساب والثواب والعقاب، حق وثابت ثبوتا لا يقبل الشك أو التخلف.
وما دام الأمر كذلك فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا أى:فلا تخدعنكم الحياة الدنيا بزخارفها وشهواتها ومتعها، ولا تشغلنكم عن طاعة الله- تعالى- وعن حسن الاستعداد لهذا اليوم الهائل الشديد. فإن الكيّس الفطن هو الذي يتزود لهذا اليوم بالإيمان الحق، والعمل الصالح النافع.
وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ أى:ولا يصرفنكم الشيطان عن طاعة الله، وعن امتثال أمره. فالمراد بالغرور:الشيطان. أو كل ما يصرفك عن طاعة الله- تعالى.
قال الآلوسى:وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ أى:الشيطان، كما روى عن ابن عباس وغيره. بأن يحملكم على المعاصي بتزيينها لكم ... وعن أبى عبيدة:كل شيء غرك حتى تعصى الله- تعالى- فهو غرور سواء أكان شيطانا أم غيره وعلى ذلك ذهب الراغب فقال:
الغرور كل ما يغر الإنسان من مال أو جاه أو شهوة أو شيطان.. وأصل الغرور:من غر فلان فلانا، إذا أصاب غرته، أى:غفلته، ونال منه ما يريد. والمراد به الخداع..
والظاهر أن «بالله» صلة «يغرنكم» أى:لا يخدعنكم بذكر شيء من شئونه- تعالى-، يجركم بها على معاصيه- سبحانه-.