ثم تسوق لنا السورة الكريمة بعد ذلك جانبا آخر من قصة إبراهيم- عليه السلام- هذا الجانب يتمثل في هجرته من أجل نشر دعوة الحق وفي تضرعه إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، فتقول:وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ...
أى:قال إبراهيم بعد أن نجاه الله- تعالى- من كيد أعدائه إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أى:إلى المكان الذي أمرنى ربي بالسير إليه، وهو بلاد الشام، وقد تكفل- سبحانه- بهدايتى إلى ما فيه صلاح ديني ودنياى.
قال القرطبي:«هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم- عليه السلام- وذلك حين خلصه الله من النار قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أى:مهاجر من بلد قومي ومولدي، إلى حيث أتمكن من عبادة ربي، فإنه سَيَهْدِينِ فيما نويت إلى الصواب.
قال مقاتل:هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة. إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام..».
والسين في قوله سَيَهْدِينِ لتأكيد وقوع الهداية في المستقبل، بناء على شدة توكله، وعظيم أمله في تحقيق ما يرجوه من ربه، لأنه ما هاجر من موطنه إلا من أجل نشر دينه وشريعته- سبحانه-.