وقوله ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) يقول:وقال إبراهيم لما أفْلَجَه الله على قومه ونجاه من كيدهم:( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) يقول:إني مُهَاجِرٌ من بلدة قومي إلى الله:أي إلى الأرض المقدَّسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله.
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة:( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ):ذاهب بعمله وقلبه ونيته.
وقال آخرون في ذلك:إنما قال إبراهيم ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) حين أرادوا أن يلقوه في النار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثني، قال:ثنا أبو داود، قال:ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال:سمعت سليمان بن صُرَد يقول:لما أرادوا أن يُلْقوا إبراهيم في النار ( قَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) فجمع الحطب، فجاءت عجوز على ظهرها حطب، فقيل لها:أين تريدين ؟ قالت:أريد أذهب إلى هذا الرجل الذي يُلْقَى في النار; فلما ألقي فيها، قال:حَسْبِيَ الله عليه توكلت، أو قال:حسبي الله ونعم الوكيل، قال:فقال الله:يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَقال:فقال ابن لُوط، أو ابن أخي لوط:إن النار لم تحرقه من أجلي، وكان بينهما قرابة، فأرسل الله عليه عُنُقا من النار فأحرقته.
وإنما اخترت القول الذي قلت في ذلك، لأن الله تبارك وتعالى ذكر خبره &; 21-72 &; وخبر قومه في موضع آخر، فأخبر أنه لما نجاه مما حاول قومه من إحراقه قالإِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّيففسر أهل التأويل ذلك أن معناه:إني مهاجر إلى أرض الشام، فكذلك قوله ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) لأنه كقولهإِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّيوقوله ( سَيَهْدِينِ ) يقول:سيثبتني على الهدى الذي أبصرته، ويعيننى عليه.