وقوله:أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ في موضع المفعول لأجله بتقدير مضاف محذوف.
أى:اتبعوا ما أمرناكم به، واحذروا ما نهيناكم عنه، كراهة أن تقول نفس يوم القيامة يا حَسْرَتى أى:يا ندامتي عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ... أى:بسبب تفريطي وتقصيرى في طاعة الله، وفي حقه- تعالى-.
وأصل الجنب والجانب:الجهة المحسوسة للشيء، وأطلق على الطاعة على سبيل المجاز، حيث شبهت بالجهة. بجامع تعلق كل منهما- أى الجانب والطاعة- بصاحبه. إذ الطاعة لها تعلق بالله- تعالى-. كما أن الجهة لها تعلق بصاحبها.
قال صاحب الكشاف:فإن قلت:لم نكرت «نفس» .؟ قلت:لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكافر. ويجوز أن يكون نفس متميزة من الأنفس:إما بلجاج في الكفر شديد، أو بعذاب عظيم، ويجوز أن يراد التكثير، كما قال الأعشى:
دعا قومه حولي فجاءوا لنصره ... وناديت قوما بالمسناة غيبا
ورب بقيع لو هتفت بجوه ... أتانى كريم ينفض الرأس مغضبا
وهو يريد:أفواجا من الكرام ينصرونه، لا كريما واحدا...
وجملة:وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ في محل نصب على الحال. أى:فرطت في جنب الله وطاعته، والحال أنى لم أكن إلا من الساخرين بدينه، المستهزئين بأتباع هذا الدين الحق.
قال قتادة:لم يكفه أنه ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها.