وقوله:كَذلِكَ في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، أى:الأمر كذلك.
قال الجمل ما ملخصه:«قوله:كَذلِكَ.. خبر مبتدأ محذوف. أى:الأمر كذلك.
فالوقف يكون على هذا اللفظ، وتكون الجملة اعتراضية لتقرير وتوكيد ما قبلها ... ويبتدأ بقوله:وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ وهو معطوف على كَمْ تَرَكُوا.. أى:تركوا أمورا كثيرة وأورثناها قوما آخرين، وهم بنو إسرائيل» .
وقال الزمخشري:الكاف في محل نصب، على معنى:مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ ليسوا منهم.
فعلى هذا يكون قوله وَأَوْرَثْناها معطوفا على تلك الجملة الناصبة للكاف، فلا يجوز الوقف على كَذلِكَ حينئذ .
وقال الآلوسى:والمراد بالقوم الآخرين:بنو إسرائيل، وهم مغايرون للقبط جنسا ودينا. ويفسر ذلك قوله- تعالى- في سورة الشعراء:كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ وهو ظاهر في أن بنى إسرائيل رجعوا إلى مصر، بعد هلاك فرعون وملكوها.
وقيل:المراد بالقوم الآخرين غير بنى إسرائيل ممن ملك مصر بعد هلاك فرعون، لأنه لم يرد في مشهور التواريخ أن بنى إسرائيل رجعوا إلى مصر، ولا أنهم ملكوها قط.
وما في سورة الشعراء من باب قوله- تعالى-:وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ أو من باب:عندي درهم ونصفه. فليس المراد خصوص ما تركوه، بل نوعه وما يشبهه.
وقيل:المراد من إيراثها إياهم:تمكينهم من التصرف فيها، ولا يتوقف ذلك على رجوعهم إلى مصر، كما كانوا فيها أولا..
والذي نراه- كما سبق أن قلنا عند تفسير سورة الشعراء- أن الآية صريحة في توريث بنى إسرائيل للجنات والعيون.. التي خلفها فرعون وقومه بعد غرقهم، بمعنى أنهم عادوا إلى مصر بعد غرق فرعون ومن معه، ولكن عودتهم كانت لفترة معينة، خرجوا بعدها إلى الأرض المقدسة التي دعاهم موسى- عليه السلام- لدخولها كما جاء في قوله- تعالى-:يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ. وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ ..