ثم حكى- سبحانه- ما قالوه في وصف حالهم وواقعهم فقال:وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ.... أى:منا الموصوفون بالصلاح والتقوى ... وهم الذين آمنوا بالله- تعالى- إيمانا حقا، ولم يشركوا معه في العبادة أحدا ...
وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ أى:ومنا قوم دون ذلك في الصلاح والتقوى ... وهم الذين فسقوا عن أمر ربهم، ولم يستقيموا على صراطه ودينه.
وقوله:كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً، تشبيه بليغ. والطرائق:جمع طريقة، وهي الحالة والمذهب.
وقددا:جمع قدّة، وهي الفرقة والجماعة من الناس، الذين تفرقت مشاربهم وأهواؤهم.
والجملة الكريمة بيان وتفسير لما قبلها.
أى:وأنا في واقع أمرنا منا الصالحون الأخيار ... ومنا من درجته ورتبته أقل من ذلك بكثير أو بقليل ... فنحن في حياتنا كنا قبل سماعنا للقرآن كالمذاهب المختلفة في حسنها وقبحها، وكالطرق المتعددة في استقامتها واعوجاجها ... أما الآن فقد وفقنا الله- تعالى- إلى الإيمان به، وإلى إخلاص العبادة له ...
ومن وجوه البلاغة في الآية الكريمة، أنهم قالوا:وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ، ليشمل التعبير من هم دون الكمال في الصلاح، ومن هم قد انحدروا في الشرور والآثام إلى درجة كبيرة، وهم الأشرار.
والمقصود من الآية الكريمة، مدح الصالحين، وذم الطالحين، ودعوتهم إلى الاقتداء بأهل الصلاح والتقوى والإيمان.