أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
{بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ( 1 ) فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ( 2 ) وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ( 3 ) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ( 4 )}
المفردات:
براءة من الله ورسوله: المراد من البراءة: قطع العهد بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الناكثين للعهد من المشركين .
عاهدتم: عاقدتم .
التفسير:
1 –{بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} .
قال الفخر الرازي: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة تبوك وتخلف المنافقون ،وأرجفوا الأراجيف ،جعل المشركون ينقضون العهد ،فنبذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العهد إليهم .
وتفيد كتب التفسير والسير:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أبا بكر رضي الله عنه أميرا على الحج في السنة التاسعة للهجرة ،فلما سافر نزلت سورة براءة ،متضمنة نقض عهود المشركين ،فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ،على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر بالطريق ،فلما رآه أبو بكر قال: أمير أو مأمور ؟قال: بل مأمور ،ثم مضيا ،فأقام أبو بكر للناس الحج ،والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية ،حتى إذا كان يوم النحر ؛قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،فقرأ عليهم آيات من أول سورة براءة ،ثم قال – فيما رواه الترمذي والنسائي وأحمد – بعثت بأربع: ألا يطوف بالبيت عريان ،ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته ،ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر ،ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ،ولا يجتمع المسلمون والمشركون في الحج بعد عامهم هذا2 .
ومعنى الآية:
هذه براءة واصلة من الله ورسوله ،إلى الذين عاهدتم من المشركين ،بسبب نقضهم لعهودهم ،وإصرارهم على باطلهم3 .
قال الشوكاني:
المعنى: الإخبار للمسلمين ،بأن الله ورسوله قد برئا من تلك المعاهدات ،بسبب ما وقع من الكفار من النقض ،فصار إليهم بعهدهم ،واجبا على المعاهدين من المسلمين .
/خ4