قوله تعالى{وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين}
قال الشيخ الشنقيطي: صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أنه حفظ السماء من كل شيطان رجيم وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله:{وحفظا من كل شيطان مارد} وقوله:{وجعلناها رجوما للشياطين} وقوله:{فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} وقوله{إنهم عن السمع لمعزولون} وقوله{أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين} إلى غير ذلك من الآيات ،والاستثناء في هذه الآية الكريمة في قوله:{إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين} .
قال البخاري: حدثنا علي ابن عبد الله ،حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قضى الله الأمر في السماء ضَرَبت الملائكة بأجنحتها خُضعانا لقوله كالسلسلة على صفوان ،قال عليّ: وقال غيره: صفوان ينفذهم ذلك .فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم ؟قالوا للذي قال: الحقّ وهو العلي الكبير .فيسمعها مسترقو السمع ،ومسترقو السمع ،هكذا واحد فوق آخر .ووصف سفيان بيده وفرّج بين أصابع يده اليمنى ،نصبها بعضها فوق بعض ،فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه ،فيُحرقه .وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه ،إلا الذي هو أسفل منه ،حتى يُلقوها إلى الأرض -وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض- فتُلقى على فم الساحر ،فيكذب معها مائة كذبة ،فيصدق ،فيقولون: ألم يُخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا فوجدناه حقا ؟للكلمة التي سُمعت من السماء ".
( صحيح البخاري8/231-ك التفسير -سورة الحجر ،ب ( الآية ) ح4701 ) .
قال البخاري: حدثنا محمد ،حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا الليث ،حدثنا ابن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الملائكة تنزل في العنان -وهو السحاب- فتذكر الأمر قُضي في السماء ،فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان ،فيكذبون منها مائة كذبة من عند أنفسهم ".
( صحيح البخاري6/350و351-ك بدء الخلق ،ب ذكر الملائكة ح3210 ) وأخرجه مسلم في صحيحه –السلام- باب تحريم الكهانة 4/1750 ح2228 ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:{إلا من استرق السمع} وهو نحو قوله:{إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب}