قوله:{ومنهم من يستمع إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون 42 ومنهم من ينظر إليك فأنت تهدي العمى ولو كانوا لا يبصرون} جمع الضمير في{يستمعون} حملا على المعنى ؛لأن معناها الجمع ،وأفرده في{ينظر} حملا على اللفظ ؛لأن لفظها مفرد{[1986]} والاستفهام للنفي ،والفاء في الموضعين للعطف ،وهذا فريق من المشركين الضالين قد ختم الله سمعه وقلبه وبصره فبات كالأبله الأصم الذي لا يسمع ولا يعي .وكالأعمى الضال الذي لا يبصره ولا يهتدي ،هؤلاء لفرط تمردهم وعتوهم وفظاعة جحودهم وحقدهم باتت طبائعهم ونفوسهم لا تستسيغ الحق ولا تلين لكلام الله ؛فهم يشهبون في ظواهرهم الصم والعمى ؛إذ هم يستمعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن وتنسكب من فيه الطاهر أروع الحكمة والكلم .لكن جهاز الاستقبال المركوز في أعماقهم معطل مشلول ؛فهم بذلك لا تلين قلوبهم لسماع القرآن ،ولا يستجيبون لندائه البليغ المؤثر كأنما هم صم لا يسمعون شيئا ،أو عمي لا يرون شيئا .ويدل ذلك على أن أحدا لا يؤمن إلا بتوفيق الله وهدايته وترشيده .وهذا رد على القدرية قولهم: إن الإنسان قادر على فعل ما يريد .سواء في ذلك سلوكه سبيل الهداية أو سبيل الضلال .