{ومِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ولَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ 42 ومِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ ولَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ 43} [ 4243] .
لا يروي المفسرون كذلك رواية ما في نزول هاتين الآيتين وهما معطوفتان على ما قبلهما ،والمتبادر أنهما استمرار للسياق والتنديد .وقد وجه الخطاب فيهما للنبي صلى الله عليه وسلم أيضا كسابقتيهما فمن الكفار من يستمع إلى ما يتلوه من قرآن ،ولكنه يقف منه كالأصم الذي لا يسمع ،وليس عليه أن يسمع الصمّ الذين لا يسمعون ولا يعقلون ما يقال لهم .ومنهم من ينظر إليه ولكنه يقف كالأعمى فلا يرى أعلام نبوته وصدق مظهرها فيما يقول ويفعل ،وليس عليه أن يهدي العمي الذين لا يبصرون .
وظاهر أن الآيتين بسبيل تصوير شدة إصرار الكفار على العناد ولمكابرة بالرغم مما يسمعونه من حجج القرآن وروحانيته ويرونه من دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم في صميميته ودعوته وأفعاله وتفرغه لها وإشفاقه عليهم من غضب الله ونقمته .ويلمح فيهما أيضا قصد تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وإيذانه بأنه قد قام بواجبه وأنه غير مكلف بعمل المستحيل من إسماع من لا يستطيع السمع وإراءة من لا يستطيع الرؤية وإقناع المكابرة العنيد الصادر عن سوء النية وخبث الطوية .