قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا} كان العرب يقتلون البنات لعجزهن عن الكسب ولقدرة البنين عليه بسبب إقدامهم على النهب والغارة .وكانوا أيضا يخشون إنكاح البنات من غير الأكفاء إن كن معسرات .وذلك في تصورهم عار شديد ؛ومن أجل ذلك يحذر الله عباده أعظم تحذير ،ويخوفهم بالغ التخويف من فظاعة الإقدام على قتل البنات بسبب الفقر أو الإحساس السقيم بالعار بسببهن فقال: ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ) أي خشية فقر ( نحن نرزقكم وإياكم ) فإن الله لهو رازق الجميع ،فما رزق الأولاد إلا على ربهم وهو سبحانه ضمين بذلك .
قوله: ( إن قتلهم كان خطأ كبيرا ) أي إثما كبيرا .نقول: خطأ يخطأ بالكسر .مثل: أثم يأثم إثما فالخِطء بالكسر مصدر ومعناه الذنب .والاسم الخطيئة .والجمع: الخطايا .والخاطئ من تعمد ما لا ينبغي .أما أخطأ يخطئ خطأك إذا أتى بما لا ينبغي من غير قصد .والاسم الخطأ بالفتح{[2677]} .
وجملة ذلك: التنديد البالغ بقتل الأولاد خشية الفقر بسبب الإنفاق عليهن .ولا يجترئ على هذا المنكر الفظيع إلا ظلوم أثيم ؛فإن قراءة الأولاد قرابة الجزئية والبعضية ؛فهي بذلك من أعظم البواعث للمحبة والشفقة .فمن ذا الخاطئ الكنود الذي يفعل مثل هذه الفعلة النكراء إلا من أفرغ قلبه من كل معالم الرحمة والشفقة .وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قلت: يا رسول الله ،أي ذنب أعظم ؟قال:"أن تجعل لله ندا وهو خلقك "قلت:"ثم أي ؟قال:"أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك "قلت: ثم أي ؟قال:"أن تزني بحليلة جارك ".