قوله تعالى:{ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا} التصريف في اللغة معناه صرف الشيء من جهة إلى جهة ؛كتصريف الرياح ،وتصريف الأمور .ثم جعل لفظ التصريف كناية عن التبيين ؛لأن من يبتغي أن يبيّن كلامه ويوضحه ؛فإنه يصرفه من نوع إلى نوع آخر ،ومن مثال إلى مثال آخر ؛كأن يجعله وعدا ووعيدا ،وأمرا ونهي ،وأخبارا وأمثالا ،ومواعظ وحكما .وذلك ليكتمل الإيضاح والبيان ،ويظهر فيه الحجة والبرهان على أتم ما يكون عليه التبيان .وقيل: ( في ) زائدة كقوله: ( وأصلح لي في ذريتي ) أي أصلح لي ذريتي .
قوله: ( ليذكروا ) أي ليعتبروا ويتدبروا ما بيناه من الأدلة والحجج ،فيبينوا إلى ربهم طائعين مذعنين ( وما يزيدهم إلا نفورا ) أي لا يزيد المشركين ما بيناه لهم من المواعظ والدلائل والعبر إلا إدبارا عن الحق وإمعانا في الضلال والباطل .وذلك هو ديدن الظالمين التائهين ،أولي القلوب الغُلْف ،والطبائع السقيمة ؛فإنهم لا يزيدهم التذكير والتحذير والزجر إلا عتوا واستكبارا{[2689]} .