قوله:{إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} ( زينة ) ،منصوب ؛لأنه مفعول ثان{[2772]} ،والمعنى: أن الله خلق الأرض وما عليها من زينة على اختلاف أنواعها وألوانها وأشكالها ،ما بين زروع وثمرات وأنعام ومعادن وحافلات .وغير ذلك من وجوه الزينة التي تعمر الأرض .لقد خلق الله كل ذلك ليبتلي به الإنسان ،فيظهر فيهم من هو أطوع لأوامر الله وأكثر انزجارا عن نواهيه وأشد التزاما لشرعه وأحكامه .
والمراد من ذلك: التذكير بأن الدنيا دار اختبار ومرور ،وأنها العاجلة الفانية الغرور ،الصائرة إلى الزوال المحتوم عما قريب .فلا تبئس بما يفعله الظالمون من جحود وتمرد .ومما هو خليق ذكره هنا ان ابتئاس المسلم واشتداد حزنه وغضبه مما يفعله الظالمون من فرط الجحود والعصيان ،لهو سمة ظاهرة تكشف عن إخلاص النية لله ،وعن مبلغ التشبث بعقيدة الإسلام التي يستمسك بها المسلمون الغيورون في كل الأحوال .إن اغتمام المسلم مما يجده في نفسه من بالغ الحزن والأسى مما يقترفه الظالمون المجرمون في حق الإسلام والمسلمين من تشويه وكيد وإبادة واستئصال ؛لهو دليل على صدق القلب الموصول بالله ،المحب لدينه وشرعه .وما ينبغي لمسلم أن يواجه الجرائم والفظائع التي ينزلها الظالمون الطغاة في ساحة الإسلام والمسلمين بفتور وتبلد .فمن ذا الذي لا يعبأ بأرزاء المسلمين وويلاتهم إلا من تخبو في صدره جذوة العقيدة ،ويموت في نفسه الإحساس بالإيمان .
وشأن المسلم المخلص الغيور أن يغضب ويأسى ويبئس مما يفعله الطغاة والمجرمون في حق الإسلام والمسلمين على أن لا يفْضي الإفراط في الحزن والغضب إلى الهلكة وذهاب النفس حسرات .